كلمة العدد
صَنَائِعُ سَاءَ
صَانِعُها ؛ فَسَاءَتْ
من أساليب اليهود
– وكذلك المسيحية المتصهينة التي تَتَّبـِـع اليوم استراتيجيةَ اليهود وتقف
بجانبهم – أنهم يصطنعون رجالاً لهم بين أعدائهم: أبناء الإسلام ، ويزرعون صنائع
لهم بين خصومهم. ثم يشيدون بهم – رجالهم وصنائعهم – ويرفعون من قدرهم ،
ويُبْرِزُونَهم فارعي الأقدام ، ويوصلونهم بالحيلة الماكرة – التي يُتْقِنُونَها
بحكم اللعنة التي فَرَضَهَا اللهُ عليهم لمصلحةٍ لايعلمها إلاّ هو – إلى مناصب
عليا في بلادهم ، ويتظاهرون من خلالها أنهم يخدمون أوطانهم : العربية والإسلامية .
ويتستّرون بأنهم يتحدّثون بلسان بني وطنهم ، وربّما يرتدون زِيَّهم ،
ويُمَاثِلُونَهم في لون جلودهم وسَحَنَات وجوههم ويتسَمَّوْن بأسمائهم ؛ ولكنهم –
صنائع اليهود ورجالهم من أبناء البلاد العربية والإسلامية – يختلفون عن أبناء
البلاد في كل شيء غير ذلك؛ فهم – الصنائع والرجال اليهودية – بينهم وبين عامّة
أبناء البلاد بعد المشرقين ، أو بعدما بين السماء والأرض ، في الهدف والمصير ، وفي
الرأي والتفكير، وفي العقيدة والمبدإ والضمير؛ لأنهم – الصنائع والرجال اليهودية –
يشكلون القَتَلَةَ وهم – شعوب الأوطان الإسلامية والعربية – الضَّحَايَا . وما
أَشْعَسَ الفرق بينهما ! وذلك كله أخطر أدوات الخداع التي يتم بها اصطياد البلاد
العربية والإسلاميّة ، واصطياد أبنائها المسلمين والعرب من قبل أخسّ البشر: اليهود
والحاذين حذوهم من المسيحيين المتصهينين وعبّاد الأوهام والأصنام المتنوّعة .
ولعلّ نظرةً خاطفةً
على الساحتين العربية والإسلامية تبيّن لنا في وضوح كيف أن صنائع الأعداء ورجالهم
يعملون لصالحهم بشكل قد لايتمكّنون هم من مباشرة العمل لصالحهم هم إذا حاولوا أن
يباشروه . صحيحٌ أنّ رجال الدين والإفتاء من علماء المسلمين قد يمنعون من أن
يُكَفِّر المسلمون هؤلاءَ الصنائعَ العملاءَ الأوفياءَ للأعداء؛ لأن الشريعة تأمر
بالحكم بأدنى الظواهر في هذا الصدد، والاحتراز لحدّ ممكن جدًّا من الحكم على أحد
بالكفر؛ ولكنّ سلوكَ «صنائع الأعداء» لايَدَعُ
مجالاً للشكّ في كونهم كَفَرَةً فَجَرَةً فَسَقَةً ؛ حيث لافرق بينهم وبين
الكَفَرَة الصَّارحين إلاّ من حيث الأسماء واللون واللسان؛ بل قد يفوقونهم في
العداء للإسلام، والإضرار بالمسلمين، والتنكيل بهم، وبيع بلادهم التي يقودونها،
للأعداء: إخوانهم التي يُوَادُّونَهم ، وتهريب خيرات البلاد ومقدراتها إلى بلاد
الأعداء وتمكينهم من نهبها، واستعباد أبنائها وتسخيرهم، وتعذيبهم وتقتيلهم، أو –
على الأقل – نفيهم وتشريدهم ، وطردهم وتهجيرهم ، وتعريتهم وتجويعهم .
* * *
ما يَتِمُّ
تنفيذُه من المُخَطَّطَات اليهودية المسيحية – وبأصحّ التعابير الصهيونية الصليبية
– على الساحة الفلسيطينية ، إنما يَتِمُّ عن طريق هؤلاء الخَوَنَة الفَسَقَة من
صنائع الصهاينة والصليبيين الذين باعوا دينَهم وضميرَهم بِعَرَضٍ من الدنيا زائلٍ
لا مَحَالَةَ ؛ ولكنهم حسب سنّة الله في الأرض فيما يتعلّق بالخائنين الظالمين
يفتضحون آجلاً أو عاجلاً ، فيتكدَّرُ صفوُ عيشهم، ويرفضهم سادتهم أيضًا عندما يرون
أن دورهم قد وَلَّىٰ، وأنهم عادوا لايقدرون على إدارة مشاريعهم في بلادهم،
لكون الشعب قد بَصَقَ في وجوههم!!. وبذلك فَيَخْسَرُونَ العاجلةَ والآجلِةَ
كلتيهما . وذلك هو الخسران المبين .
فرجالُ «أوسلو» الذين
هَرْوَلُوا للتطبيع مع إسرائيل ، وعَقَدُوا معها اتفاقياتِ عام 1993م تحت رعاية
وإشراف الراعي الأمريكي ، وراهنوا على المفاوضات خيارًا لابدّ منه للسلام ،
وبالتالي جعلوا هدفهم الوحيدَ القضاءَ على المقاومة ضدّ إسرائيل ، ومارسوا أسوأَ
أنواع التنكيل ببني جنسهم : أبناء فلسطين ، بدأوا يفتضحون اليوم على قارعة الطريق
؛ فـ«محمد دحلان» – الذي
قال فيه الرئيس الأمريكي الحالي «جورج بوش» الابن
عندما حَضَرَ مؤتمر قمة «شرم الشيخ» عام 2003م
: «إن هذا
الفتى يُعْجِبُنِي»! وطَلَبَه بالاسم ليُسَلِّم عليه شخصيًّا
وقال: «إنّه رجلنا» !! ومن
قبل أبدى فيه «بيل
كلينتون» الرئيس
الأمريكي الأسبق رأيه المبنيّ على «الاستقراء الدقيق» و«السلوك
الموالي لإسرائيل وأمريكا» حيث اقترب منه
بمناسبة المفاوضات الجارية بين إسرائيل والطرف الفلسطيني في أمريكا عام 1997م،
وهمس في أذنه : «أرى فيك زعيمًا مستقبليًّا للشعب الفلسطيني»! – افتضح
اليوم بشكل يُلَقِّن الدرسَ حتى كلَّ أعمى وأصمَّ من القادة والساسة .
صار الرجل
رئيسًا للأمن الوقائي في «غزّةً بعد اتفاقيات «أوسلو» ثم جعله
الرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات مستشارًا للأمن القومي ووزيرًا للداخليّة.
واستطاع خلال سنوات قليلة أن يتحوّل واحدًا من أثرياء «غزة»؛ حيث صار
مالكاً لفندق فخم ذي خمسة نجوم على شاطئ غزة، وهو «فندق
الواحة». ويقال :
إنه أحد الفنادق الفخمة في منطقة الشرق الأوسط. وكشفت وسائل الإعلام النقابَ عن
ثروته الطائلة التي بلغت في المصارف الإسرائيلية وحدها نحو 35 مليون دولار. وذلك
أن أمريكا بدورها كانت تُمِدُّه بمال وفير وعدّة وعتاد ، وتُرَبِّيه كما يربي
أحدنا فُلُوَّه ، كما كان «يستقطع» هو كثيرًا
من الدعم المالي العامّ الذي كانت تُغْدِقُه – أمريكا – على الأجهزة الأمنية
الداخلية التي كان يقودها، وعلى حرس الرئاسة ؛ فقد صَرَّح الكاتب الصهيوني المعروف
«نداف
هعتسني» أحد كتاب
صحيفة «معاريف» العبريّة
الإسرائيلية ، في مقال له منشور بالصحيفة يوم الجمعة 22/6/2007م (6/جمادى الأخرى
1428هـ) أن واشنطن دَعَّمت «محمد دحلان» بنحو 100
مليون دولار في السنة الأخيرة فقط ، وقد تَمَّ بناءُ مقر قيادته في «غزة» وتَمَّ
تدريبُ رجاله في «أريحا» وتَمَّ
تزويدُه بقافلة من السيّارات الفارهة. وكَشَفَ الكاتب اليهودي أن واشنطن نقلت
عشرات الآلاف من البنادق والرشاشات والمدرعات إلى ما أَسْمَتْهُ «القوات
الفولاذية» التي
بناها «دحلان» في المدة
الأخيرة من «خيرة» رجال «فتح» الذين
اعتمد عليهم بعد تمحيص دقيق ؛ حيث أَكَّدَتْ عليه مصارد أمريكية أن أفراد القوات
المذكورة سيخضعون لتدقيق مسبق للتأكّد من عدم وجود أيّ علاقة لهم بفصائل المقاومة
. وصَرَّحَتْ مصادرُ فلسطينيةٌ أن كثيرًا من المُجَنَّدين في القوات الأمنية
الدحلانية وحرس الرئاسة تَمَّ استبعادُهم لارتباطهم أو ارتباط أشخاص من عائلاتهم
بفصائل المقاومة !.
فأيُّ دور كان
يلعبه هذا الرجل حتى كان مُفَضَّلاً مُؤْثـَرًا بل «محبوبًا» لدى
الإدارة الأمريكية وبالتالي لدى إسرائيل؟! .
يعتقد ويَتَّهِم
معظمُ الفلسطينيين حتى من المنتمين لفتح أن الرجل ظلّ خائنًا رقم واحد في حق بني
جنسه وظَلَّ يقوم بالدور الإسرائيلي الأمريكي بشكل لايُتَصَوَّر من مسلم ولو كان
ضعيفَ الإيمان لحدّ بعيد؛ فقد اغتال بدوره عن طريق قواته الأمنية كثيرًا من رجال
المقاومة أو رمى بهم – على الأقل – في سجون السلطة الفلسطينية ، التي لاَقَوْا
فيها التعذيبَ الذي ربما فاق التعذيبَ الإسرائيلي في السجون الإسرائيلية . كما قام
بتسليم أوراق كثير منهم إلى إسرائيل فاغتالتهم ! وأَكَّدَت جميعُ المصادر بما فيها
الإسرائيلية والمصرية إلى جانب المصادر الفلسطينية أن الصدام المسالح الذي اندلع
بين فتح وحماس ، وظل مستمرًا فيما بين 7/6/2007م حتى 14/6/2007م (الخميس 20/ جمادى
الأولى 1428هـ حتى الخميس 27/ جمادى الأولى 1428هـ) حيث تمّ استيلاء حماس على «غزة» إنما
اندلع بإيقاد قوات «محمد دحلان» الأمنية ،
وإن كان نصيبه الانكسار والانهزام ؛ فقد صَرَّح المحلل الإسرائيلي العسكري في
القناة الثانية في التلفاز الصهيوني «يهود يعاري» أن القوات
التي بناها «محمد دحلان» في قطاع «غزة» بأموال
أمريكية وموافقة ودعم صهيوني انهارت تمامًا أمام رجال المقاومة مثل برج من الورق .
وقال مصدر أمني مقرب من رئيس الوفد الأمني المصريّ يوم 17/ يونيو 2007م (الأحد:
غرة جمادى الأخرى 1428هـ) إنّ سبب الصراع في غزة في الواقع هو تلك المجموعة التي
تسيطر على جميع الأجهزة الأمنية من رجال «دحلان» فيبدو
الصراع أنه اقتتال بين فتح وحماس .
وأكدت المصادر
الإعلامية العربية والأجنبية أنه ما إن سيطرت كتائبُ عزالدين القسام التابعة لحركة
حماس على «غزة» وأحكمت
موقعها واستولت على مقرات ومواقع أجهزة الأمن الفلسطيني التي كانت تتحكم فيها
مجموعة «دحلان» حتى لاحظ
المشاهدون مفارقات لافتة للانتباه ، وهي أن جميع طائرات الاستطلاع الإسرائيلية
اخْتَفَتْ فجأةً من سماء «غزة» لأول مرة
منذ سنين . وقد تبيّن المشاهدون أن هذه الطائرات كانت تتوجّه من داخل المقرات
الأمنية التابعة لفتح ، التي سقطت في أيدي «حماس». أي إن
طائرات الاستطلاع الإسرائيلية ما كانت تقلع من مطارات داخل الكيان الصهيوني .
والجديرُ بالذكر أن هذه الطائرات هي التي اغتالت كلاًّ من الشيخ أحمد ياسين
والدكتور عبد العزيز الرنتيسيّ وكثيرًا من كوادر وقيادات «حماس» .
وأَكَّدَتْ مصادر عليمة أن رجال «دحلان» كانوا
وراء اغتيال كل من الشيخ «أحمد ياسين» و«الرنتيسيّ» رحمهما
الله وغيرهما . قالت جريدة «المصريون» إنها علمت
أن قياديًّا بحركة «حماس» أجرى اتصالاً
هاتفيًّا مع مسؤول بجهة سياديّة مصرية وأرسل له فاكسًا بسعة 12 صفحة ، هي عبارة عن
وثيقة سرّية تكشف عن تورط قيادة أمنية فلسطينية متصلة بدحلان مقربة من الرئيس
الفلسطيني «محمود
عبّاس» وعناصر من
الأجهزة الأمنية التابعة لمحمد دحلان ، في عمليات تجسس لحساب إسرائيل قادت إلى
اغتيال الدكتور «عبد العزيز الرنتيسيّ» عام 2004م
وقبل ذلك إلى اغتيال الدكتور «إبراهيم المقادمة» قائد
الجهاز الأمني التابع لحماس عام 2003م .
وكشفت الوثيقة
–التي تُعَدُّ ضمن الكنز الاستخباراتي التي عثرت عليه «حماس» في أعقاب سيطرتها على مقرات الأجهزة الأمنية التابعة لفتح،
وكان يقودها (الأجهزة الأمنية) «محمد دحلان» – أن عدة
اجتماعات أمنية تمت بين أجهزة فلسطينية وأمريكية نوقش خلالها تحسينُ قدرات التجسس
على أبرز قادة «حماس» من بينهم «الرنتيسي» و«المقادمة» و«أحمد
الجعبري» .
وقد تناقلت
وسائل الإعلام الفسطينية بعنايةٍ بالغةٍ وثيقةً خطيرةً نشرها موقع «نوبلز نيوز»
الإلكترونيّ ، وكشفتها أيضًا الصحف الإسرائيلية، تكشف عن خيوط في مقتل الرئيس
الفلسطيني الراحل ياسرعرفات. وهي عبارة عن رسالة من وزير شؤون الأمن الفلسطيني
السابق «محمد دحلان» إلى وزير
الحرب الصهيوني «شاؤول موفاز» مؤرخة 13/
يوليو 2003م ، يَتَعَهَّدُ فيها أمام «موفاز» باستئصال
من لا يقبل التعايشَ مع إسرائيل! ويتحدث فيها عن الحالة الصحية المتزايدة سوءًا
بسرعة لياسر عرفات ، وما جاء فيها في هذا الخصوص يُعْتَبَرُ بمثابة نقاط وُضِعَتْ
على الحروف فيما يتعلق بلغز موت عرفات ؛ فقد قال فيها «محمد دحلان» لموفاز: «إن السيد
ياسر عرفات أصبح في أيامه الأخيرة؛ ولكن دَعُونَا نذيبه على طريقتنا نحن وليس على
طريقتكم ! وتَأَكَّدُوا أيضًا أن ما قطعتُه على نفسي أمام الرئيس «بوش» من وعود ،
فأنا مستعدّ لدفع حياتي ثمنًا لها» !.
ونقل موقع «المصريون» على
الإنترنت عن مصادر رفيعة المستوى أن الوثائق التي حصلت عليها «حركة حماس» بعد
دخولها مقار الأمن الوقائي والمخابراتي الفلسطيني التابع لحركة «فتح» تضمنت
معلومات خطيرة كشفت عن تورط مجموعة «دحلان» و«رشيد أبوشباك» في التعاون مع
المخابرات الإسرائيلية والأمريكية بشكل منتظم ، وعن محاولتهما إغراقَ مصر
بالمُخَدِّرَات المُهَرَّبَة من إسرائيل عبر قطاع غزة ، بالإضافة إلى ترويج مئات
الآلاف من الدولارات المزيفة في المناطق السياحية بسيناء لضرب السياحة هناك ،
وبالإضافة إلى دور مجموعة «دحلان» في تحريض
بدو سيناء على التهديد باللجوء السياسي لإسرائيل وتورط عناصره في تهريب أعضاء من
تنظيمات إرهابية إلى داخل سيناء للقيام بعمليات ضد المنشآت السياحيّة المصرية هناك
، بهدف ضرب السياحة المصرية لصالح السياحة الإسرائيلية ، وما إلى ذلك من القيام
بتحقيق مصالح صهيونية كثيرة خطيرة.
وقد أشرتُ في
هذه الزاوية في العدد السابق من «الداعي» وهو
(7/31) أن المصادر العليمة أكدت أن رجال مجموعة «دحلان» كانوا
يمارسون الشتائم اللاذعة ، ويسبّون الله ورسوله، ويستهزؤون بالدين وشعائره ،
ويعدّون الملتحين لعنةً على المجتمع الفلسطيني ومصدر شرّلهم ، وكانوا ينالون
الشباب المصلين الملتحين بأشدّ العقاب . كشف عن ذلك عدد من الشباب الذين اعتقلتهم
مجموعة «دحلان» وزجّت بهم
في السجن وتناولتهم بالعقاب الأليم .
وقالت وسائل
الإعلام : إن الدكتور محمود الزهّار القيادي البارز في «حماس» أعلن أن
الوثائق السريّة التي عثرت عليها «حماس» عقب
سيطرتها على المقرات الأمنية التابعة لفتح – التي كان يقودها «دحلان» – في «غزة» تكشف عن
أسرار مذهلة، وأعلن أيضًا أنه تَمَّ العثورُ داخل مقرات المخابرات الأمنية على 50
سيارة مُفَخَّخَة جاهزة للتفجير، قامت عناصرُ كتائب عزّ الدين القسّام بتفكيكها
وإبطال مفعولها . ولولا ذلك لغرقت غزة في بحر من الدم . كما تَمَّ العثورُ في مقر
الأمن الوقائي على أنفاق وقبور موجود فيها جثثٌ ، أي مقبرة جماعية ، علاوة على
مخازن للسلاح وعلى وثائق تتعلق بالفساد المالي إلى جانب الفساد الأخلاقي ، ومنها
على سبيل المثال «إسقاط بنت وزير أخلاقيًّا وتصويرها لابتزاز
أبيها» وأمور لا
يقبلها العقل .
بعد «الخدمات
الجليلة» التي
قَدَّمَها محمد دحلان – وإخوانه في بيع الضمائر – لإسرائيل وأمريكا ، وخَسِرَ من
أجلها الآخرة ، هل وَجَدَ دنياه سعيدةً باسمةً له دائمًا؟! لا ، وألف لا ؛ لأن
الرجل أصبح الآن بعد سيطرة «حماس» على غزة
وبعد انهزام قوات فتح «الفولاذية» الأمنية
مرفوضًا بل «ملعونًا» على ألسنة
كل من إسرائيل وأمريكا، وليس على ألسنة رجال فتح وقيادتها فحسب ؛ فقد قال الكاتب
الصهيوني في صحيفة «معاريف» العبرية «نداف هعتسي» المشار
إليه فيما سبق : «إن الإمريكيين والإسرائيليين عزّزوا الشريك
الأعلى «دحلان» منذ أن
انضمّ في أواخر 1993م إلى الجيش الإسرائيلي ؛ لكنه ينزل اليوم فندق «جراند بارك» في رام
الله «منتوفَ
الشعر».
أما في الجانب
الفلسطيني فقد أصدر «سلام فيّاض» رئيس ما
يُسَمَّىٰ بحكومة الطوارئ غير الشرعية التي شَكَّلَهَا رئيس السلطة «محمود عباس» أمرًا
بالحجز على أموال «محمد دحلان» المنقولة
وغير المنقولة . لماذا ؟ لأن أمريكا طلبت من «سلام فياض» ذلك . ذكرت
مصادرُ فلسطينيةٌ مُطَّلِعَةٌ في مدينة «رام الله» بالضفة
الغربية أن حكومة «فياض» أصدرت أمرًا بالحجز
على جميع أموال «محمد دحلان» وأنه عَمَّمَ على جميع المصارف
الفلسطينية بضرورة الحجز على الحسابات التابعة لمحمد دحلان بعد فشل الأمن الوقائي
الذي أسّسه لتصدّي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة .
وأضاف
المصدر أن الأمريكيين مستاؤون جدًّا من «دحلان» وجهازِ الأمن الوقائي الذي أنفقوا عليه مئات الملايين من الدولارات ؛ وأن
الأمريكيين يضغطون على «فياض» لاسترداد تلك الأموال الطائلة التي تَمَّ إنفاقها على جهاز الأمن الوقائي
.
وفي جانب آخر
عَقَدَ الشرفاءُ من حركة «فتح» في قطاع
غزة مؤتمرًا صحفيًّا مساء الأحد 17/6/2007م (غرة جمادى الأخرى 1428هـ) طالبوا فيه
بتشكيل محكمة ثوريّة لعضو الحركة النائب «محمد دحلان» ودعت
القياداتُ والكوادرُ من «فتح» إلى إجراء
محاكمة ثورية للرموز الذين تسببوا في تدمير حركة «فتح» في غزة ،
وعلى رأسهم «محمد دحلان» وإيقاع
أقصى العقوبات في حقه .
ولم يكن ولن
يكون «محمد دحلان» وحده الّذي كفى الإسرائيليينَ
دورَهم في الإضرار بأبناء العروبة والإسلام ؛ ولكنّ هناك عددًا كبيرًا من الخونة
الفجرة الفسقة مثل «جبريل الرجوب» الذي شغل منصب رئيس الأمن
الوقائي في الضفة الغربية في الوقت نفسه الذي كان فيه «محمد دحلان» رئيسًا للأمن الوقائي في غزة ،
ومثل العميد «رشيد أبوشباك» ومثل العقيد «سمير المشهراوي» ومثل العقيد «ماجد أبوشماله» ومثل «عبد الحكيم عوض» وغيرهم من صنائع اليهود
والأمريكان الذين شاء الله الحكيم أن يمسخ فطرتهم ويُحَبِّبَ إليهم الفسوقَ
والعصيانَ ، ويُكَرِّهَ إليهم الدينَ والعقيدةَ والإيمانَ ، رغم أنهم ظَلُّوا
ولايزالون ينطقون بالعربية ويرتدون أقنعةً من لون بني فلسطين ولون بني العرب !.
* * *
ولا يتوقف
الأمر على «محمد دحلان» وزمرته
ومَلَئِه من المتنكرين للعروبة والمساومين على دماء وأعراض وأرواح الفلسطينيين ؛
ولكن رئيس السلطة الفلسطينية الحالي المدعوّ بـ«أبي مازن
محمود عباس» ليس أقلّ
تنكّرًا للعروبة والإسلام من «دحلان» وأشقائه
في الهدف وبيع الضمير وبالتالي في سوء المصير. فهو ومعظم رجاله الذين اصطنعهم ،
كلُّهم من صنائع اليهود ورجال أمريكا التي عادت تركّز عليه – محمود عباس – بشكل لم
تركّز به قطُّ على القضية الفلسطينية ذاتها ؛ فهي وإسرائيل تُعْلِنَانِ باستمرار
الوقوفَ بجانبه، وتقديم كل دعم مادّيّ ومعنويّ له ، وتعزيز موقفه ، وتدعيم حرسه
حتى يعود قادرًا على مقاومة كلّ مقاومة إسلاميّة ضد إسرائيل وعلى رأسها حركة
المقاومة الإسلاميّة «حماس» لأن أمريكا قبلَ
إسرائيل تعتبر كلَّ عمليّة من عمليَّات المقاومة ضد إسرائيل «إرهابًا» خرجت
تُقاتِلُه في كلّ مكان في العالم ولاسيّما في الدول العربية والإسلاميّة اعتبارًا
منها أن «الإسلام
الأصيل» النابع من
مصدريه الأصليين : الكتاب والسنة هو «منبع الإرهاب» ومصدر كل
شرّ يعانيه العالم وتذوق ويلاتِه الدولُ والأممُ !.
محمود عباس – الذي
هو مطعون في دينه وعقيدته حسب عدد من المصادر التي أكدت في ضوء الوثائق والحقائق
أنه «بهائيّ
العقيدة» – ما إن
أعلن إنشاء «حكومة
طوارئ» برئاسة «سلام فيّاض» – وهو رجل
أمريكا وإسرائيل مثل «دحلان» تمامًا ؛
حيث وصفه الرئيس الأمريكي «بوش» الابن
بأنه «رفيق جيّد» ووصفه
السفير الإسرائيلي السابق لدى أمريكا «داني إيعالون» بـ«أنه شخصية
فلسطينية ، يتميز بالوجاهة في الغرب ، ويعتبرونه بمثابة الشخص الذي يتحدث لغتهم». وأضاف: «والثقة
اللامحدودة التي حصل عليها من الأمريكيين هي التي منحته القوة»! – ما إن
أعلن ذلك حتى أغدقت عليه من كل من أمريكا وإسرائيل الدولارات التي ظلّت «حماس» عبر
إدارتها للحكومة تتطلّع إليها ، ولكنها لم تحظ بدولار ؛ لأنّها إسلاميّة ، ولأنها
تؤمن بمقاومة مسلحة ضد إسرائيل، ولأنّها لم تعرف فن الخلط بين الحق والباطل ،
ولأنّها لم ترض أن تتنازل عن مبدئها الثابت الشامخ ولو قيد شعرة ، رغم جميع حيل
المكر والدهاء التي أعملتها كل من أمريكا وإسرائيل لكسر إرادتها ، وإذابة عزيمتها
، وتوهين موقفها في الفلسطينيين وأمام العالم .
* * *
والجهود
كلُّها الآن مبذولة من قبل كل من أمريكا وإسرائيل والدول العربية ، الدائرة في فلك
أمريكا لغرض أو مرض أو لكليهما ، من أجل عزل «حماس» وإفراده
إفرادَ البعير المجرب . حتى تجاهل المجتمع الدوليّ والمجتمع العربيّ ذو النفوذ
الدائر في فلك أمريكا والمتحرك حسب إشارتها في شأن القضية الفلسطينية مشورةَ إجراء
الحوار بين فتح وحماس التي وَجَّهت بها بعض الدول العربيّة. وقد حرصت ولاتزال تحرص
«حماس» على
الحوار مع «فتح» رغم
طبيعةَ التعنّت التي يمتاز بها «محمود عباس» الذي لن
يصنع ما يضرّ بمصالح إسرائيل ويغضب أمريكا التي يخضع لها خضوعَ العبد الوفيّ
لسيّده ؛ وما لايرضي هواه . ولايرضي هواه إلاّ ما يَتَوَاءَمُ مع طبيعته
العلمانيّة الجامحة المتنكّرة للإسلاميّة .
إن مصدرَ
المصيبة في «فتح «ظلت الزمرة
العلمانيّة الفاسقة التي ظلت مُتَحَكِّمَةً فيها منذ اليوم الأول أو منذ وقت طويل
؛ فهي مُصَابَةٌ بأدواء كثيرة لاتقبل علاجًا ، من بينها : الجشع، والأنانية ،
والخيانة ، والحرص الزائد على المال والجاه ، والفساد المالي ، والفساد الأخلاقي ،
والتنكر للدين لحدّ الإلحاد ، فضلاً عن الفسق والفجور وداء بيع الضمير . الأمرُ
الذي ظَلَّ يدفعها – الزمرةَ العلمانيةَ – للقيام بدور «العميل» لصالح
إسرائيل وصالح أمريكا؛ لأنها رأتِ العملَ «عميلاً» لها
مُدِرًّا للمنافع الدنيوية الكثيرة الرخيصة ، التي يتحلّب لها أفواهُ جميع أفراد
بني البشر الذين لايرجون لله وقارًا، والذين لايتقيدون بمبدإ ، ولايستجيبون لصوت
الضمير؛ لأنهم لايعرفون لذلك معنى . وإن وجوه رجال هذه الزمرة وسحناتهم تشف عن
مكنوناتهم ، وسلوكهم في الحياة يؤكد أنهم لايقيمون للإسلام وشعائره وأحكامه وزنًا
.
ويبدو أن
الصراع بين كل من الشريحتين : المحتضنة لمبدإ والقائمة على ثوابت عقديّة والمتنكرة
للمبدإ وغير المؤمنة بثوابت عقديّة ، سيظلّ قائمًا فيما يتعلق بقضيّة فلسطين ، كما
سيظلّ قائمًا بين المحق والمبطل في جميع مناحي الحياة إلى أن يحدث ما يشاء الله
ويقضى أمرًا كان مفعولاً .
والأيام
القادمة ستكون عصيبة بالنسبة لحماس ومن إليها من فصائل المقاومة ، التي إن تجاوزت
هذا الامتحانَ بنجاح ، فإنها ستتجاوز جميعَ الامتحانات . «وَمَا
النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عَزِيْزٌ حَكِيْمٌ»
(الأنفال/10) .
(تحريرًا في الساعة :3011 من يوم الأربعاء : 16/ رجب 1428هـ
= 1/أغسطس 2007م)
نور عالم خليل الأميني
مجلة
الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان 1428هـ = أغسطس -
سبتمبر 2007م ، العـدد : 8 ، السنـة : 31.